.مَهْمَا:
مَهْمَا: اسْمٌ؛ لِعَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَيْهَا فِي:
{مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ} [الْأَعْرَاف: 132]. قَالَ: الزَّمَخْشَرِيُّ: عَادَ عَلَيْهَا ضَمِيرُ (بِهِ) وَضَمِيرُ (بِهَا) حَمْلًا عَلَى اللَّفْظِ وَعَلَى الْمَعْنَى. وَهِيَ شَرْطٌ لِمَا لَا يَعْقِلُ غَيْرَ الزَّمَانِ، كَالْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ.وَفِيهَا تَأْكِيدٌ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ قَوْمٌ: إِنَّ أَصْلَهَا (مَا) الشَّرْطِيَّةُ وَ(مَا) الزَّائِدَةُ، أُبْدِلَتْ أَلِفُ الْأُولَى هَاءً دَفْعًا لِلتَّكْرَارِ.
.النُّونُ:
النُّونُ عَلَى أَوْجُهٍ:اسْمٌ: وَهِيَ ضَمِيرُ النِّسْوَةِ، نَحْوَ:
{فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ} [يُوسُفَ: 31].وَحَرْفٌ، وَهِيَ نَوْعَان: نُونُ التَّوْكِيدِ، وَهِيَ خَفِيفَةٌ وَثَقِيلَةٌ، نَحْوَ:
{لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا} [يُوسُفَ: 32]،
{لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} [الْعَلَق: 15]. وَلَمْ تَقَعِ الْخَفِيفَةُ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فِي هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ.قُلْتُ: وَثَالِثٌ فِي قِرَاءَةٍ شَاذَّةٍ، وَهِيَ
{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءًا وَجُوهَكُمْ} [الْإِسْرَاء: 7].وَرَابِعٌ: فِي قِرَاءَةِ الْحَسَن:
{أَلْقِيًا فِي جَهَنَّمَ} [ق: 24] ذَكَرَهُ ابْنُ جِنِّي فِي الْمُحْتَسَبِ.وَنُونُ الْوِقَايَةِ، وَتَلْحَقُ يَاءَ الْمُتَكَلِّمِ الْمَنْصُوبَةَ بِفِعْلٍ، نَحْوَ:
{فَاعْبُدْنِي} [طه: 14].
{لَيَحْزُنُنِي} [يُوسُفَ: 13]. أَوْ حَرْفٍ، نَحْوَ:
{يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ} [النِّسَاء: 73]،
{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ} [طه: 14] وَالْمَجْرُورَةَ بِلَدُنْ، نَحْوَ:
{مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} [الْكَهْف: 76]. أَوْ مِنْ أَوْ عَنْ نَحْوَ:
{مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ} [الْحَاقَّة: 28]،
{وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي} [طه: 39].
.التَّنْوِينُ:
التَّنْوِينُ: نُونٌ تُثْبَتُ لَفْظًا لَا خَطًّا، وَأَقْسَامُهُ كَثِيرَةٌ:تَنْوِينُ التَّمْكِين: وَهُوَ اللَّاحِقُ لِلْأَسْمَاءِ الْمُعْرَبَةِ، نَحْوَ:
{وَهُدًى وَرَحْمَةً} [الْأَعْرَاف: 154].
{وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} [هُودٍ: 50]،
{إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} [نُوحٍ: 1].وَتَنْوِينُ التَّنْكِير: وَهُوَ اللَّاحِقُ لِأَسْمَاءِ الْأَفْعَالِ فَرْقًا بَيْنَ مَعْرِفَتِهَا وَنَكِرَتِهَا، نَحْوَ التَّنْوِينِ اللَّاحِقِ لِأُفٍّ فِي قِرَاءَةِ مَنْ نَوَّنَهُ، وَ(هَيْهَاتَ) فِي قِرَاءَةِ مَنْ نَوَّنَهَا.وَتَنْوِينُ الْمُقَابَلَة: وَهُوَ اللَّاحِقُ لِجَمْعِ الْمُؤَنَّثِ السَّالِمِ، نَحْوَ:
{مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ} [التَّحْرِيم: 5].وَتَنْوِينُ الْعِوَض: إِمَّا عَنْ حَرْفِ آخِرِ (مَفَاعِلِ الْمُعْتَلِّ)، نَحْوَ:
{وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ} [الْفَجْر: 1- 2]،
{وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} [الْأَعْرَاف: 41]. أَوْ عَنِ اسْمٍ مُضَافٍ إِلَيْهِ فِي كُلٍّ وَبَعْضٍ وَأَيٍّ، نَحْوَ:
{كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40]،
{فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [الْبَقَرَة: 253]،
{أَيًّا مَا تَدْعُوا} [الْإِسْرَاء: 110] وَعَنِ الْجُمْلَةِ الْمُضَافِ إِلَيْهَا إِذْ، نَحْوَ:
{وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ} [الْوَاقِعَة: 84] أَيْ: حِينَ إِذْ بَلَغَتِ الرُّوحُ الْحُلْقُومَ. أَوْ إِذَا- عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُ- نَحْوَ:
{وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} [الشُّعَرَاء: 42] أَيْ: إِذَا غَلَبْتُمْ.وَتَنْوِينُ الْفَوَاصِلِ فَي الْقُرْآن: الَّذِي يُسَمَّى فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ التَّرَنُّمَ بَدَلًا مِنْ حَرْفِ الْإِطْلَاقِ، وَيَكُونُ فِي الِاسْمِ وَالْفِعْلِ وَالْحَرْفِ، وَخَرَّجَ عَلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُ:
{قَوَارِيرًا} [الْإِنْسَان: 15]،
{وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرٍ} [الْفَجْر: 4]،
{كَلًّا سَيَكْفُرُونَ} [مَرْيَمَ: 82] بِتَنْوِينِ الثَّلَاثَةِ.
.نَعَمْ:
نَعَمْ: حَرْفُ جَوَابٍ، فَيَكُونُ تَصْدِيقًا لِلْمُخْبِرِ وَوَعْدًا لِلطَّالِبِ وَإِعْلَامًا لِلْمُسْتَخْبِرِ، وَإِبْدَالُ عَيْنِهَا حَاءً وَكَسْرُهَا، وَإِتْبَاعُ النُّونِ لَهَا فِي الْكَسْرِ، لُغَاتٌ قُرِئَ بِهَا.
.نِعْمَ:
نِعْمَ تُسْتَخْدَمُ لِلْمَدْحِ فَي الْقُرْآن: فِعْلٌ لِإِنْشَاءِ الْمَدْحِ، لَا يَتَصَرَّفُ.
.الْهَاءُ:
الْهَاءُ: اسْمٌ ضَمِيرٌ غَائِبٌ، يُسْتَعْمَلُ فِي الْجَرِّ وَالنَّصْبِ، نَحْوَ:
{قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} [الْكَهْف: 37]. وَحَرْفٌ لِلْغَيْبَةِ وَهُوَ اللَّاحِقُ لِإِيَّا. وَلِلسَّكْتِ، نَحْوَ:
{مَاهِيَهْ} [الْقَارِعَة: 10]
{كِتَابِيَهْ} [الْحَاقَّة: 19]
{حِسَابِيَهْ} [الْحَاقَّة: 26]
{سُلْطَانِيَهْ} [الْحَاقَّة: 29]
{مَالِيَهْ} [الْحَاقَّة: 28].
{لَمْ يَتَسَنَّهْ} [الْبَقَرَة: 259] وَقُرِئَ بِهَا فِي أَوَاخِرِ آيِ الْجَمْعِ- كَمَا تَقَدَّمَ وَقْفًا.
.هَا:
هَا: تَرِدُ اسْمَ فِعْلٍ بِمَعْنَى خُذْ، وَيَجُوزُ مَدُّ أَلِفِهِ فَيَتَصَرَّفُ حِينَئِذٍ لِلْمُثَنَّى وَالْجَمْعِ، نَحْوَ:
{هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الْحَاقَّة: 19].وَاسْمًا ضَمِيرًا لِلْمُؤَنَّثِ، نَحْوَ:
{فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشَّمْس: 8].وَحَرْفَ تَنْبِيهٍ فَتَدْخُلُ عَلَى الْإِشَارَةِ نَحْوَ: هَؤُلَاءِ،
{هَذَانِ خَصْمَانِ} [الْحَجّ: 9]. وَهَاهُنَا؛ وَعَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ بِإِشَارَةٍ، نَحْوَ:
{هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ} [آلِ عِمْرَانَ: 119]. وَعَلَى نَعْتِ (أَيٍّ): فِي النِّدَاءِ، نَحْوَ:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ}. وَيَجُوزُ فِي لُغَةِ أَسَدٍ حَذْفُ أَلِفِ هَذِهِ وَضَمِّهَا إِتْبَاعًا، وَعَلَيْهِ قِرَاءَةُ:
{أَيُّهُ الثَّقَلَانِ} [الرَّحْمَن: 31].
.هَاتِ:
هَاتِ استعمالتها فِي الْقُرْآن: فِعْلُ أَمْرٍ لَا يَتَصَرَّفُ، وَمِنْ ثَمَّ ادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ اسْمُ فِعْلٍ.
.هَلْ:
هَلْ: حَرْفُ اسْتِفْهَامٍ يُطْلَبُ بِهِ التَّصْدِيقُ دُونَ التَّصَوُّرِ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَى مَنْفِيٍّ وَلَا شَرْطٍ، وَلَا أَنْ، وَلَا اسْمٍ بَعْدَهُ فِعْلٌ غَالِبًا. وَلَا عَاطِفٍ.قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا يَكُونُ الْفِعْلُ مَعَهَا إِلَّا مُسْتَقْبَلًا، وَرُدَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا} [الْأَعْرَاف: 44].وَتَرِدُ بِمَعْنَى (قَدْ) وَبِهِ فُسِّرَ:
{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} [الْإِنْسَان: 1].وَبِمَعْنَى النَّفْيِ، نَحْوَ:
{هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرَّحْمَن: 60] وَمَعَانٍ أُخَرَ سَتَأْتِي فِي مَبْحَثِ الِاسْتِفْهَامِ.
.هَلُمَّ:
هَلُمَّ: دُعَاءٌ إِلَى الشَّيْءِ، وَفِيهِ قَوْلَان:أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَصْلَهُ (هَا) وَ(لُمَّ) مِنْ قَوْلِكَ: لَمَمْتُ الشَّيْءَ، أَيْ: أَصْلَحْتُهُ، فَحُذِفَتِ الْأَلِفُ وَرُكِّبَ.وَقِيلَ: أَصْلُهُ (هَلْ أُمَّ) كَأَنَّهُ قِيلَ: هَلْ لَكَ فِي كَذَا؟ أُمَّهُ، أَيْ: اقْصُدْهُ، فَرُكِّبَا.وَلُغَةُ الْحِجَازِ تَرْكُهُ عَلَى حَالِهِ فِي التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ، وَبِهَا وَرَدَ الْقُرْآنُ، وَلُغَةُ تَمِيمٍ إِلْحَاقُهُ الْعَلَامَاتِ.
.هُنَا:
هُنَا: اسْمٌ يُشَارُ بِهِ لِلْمَكَانِ الْقَرِيبِ، نَحْوَ:
{إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [الْمَائِدَة: 24].وَتَدْخُلُ عَلَيْهِ اللَّامُ وَالْكَافُ فَيَكُونُ لِلْبَعِيدِ، نَحْوَ:
{هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ} [الْأَحْزَاب: 11].وَقَدْ يُشَارُ بِهِ لِلزَّمَانِ اتِّسَاعًا، وَخُرِّجَ عَلَيْه:
{هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} [يُونُسَ: 30].
{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ} [آلِ عِمْرَانَ: 38].
.هِيتَ:
هِيتَ: اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى أَسْرَعَ وَبَادَرَ، قَالَ فِي الْمُحْتَسَبِ: وَفِيهَا لُغَاتٌ قُرِئَ بِبَعْضِهَا (هَيْتَ) [يُوسُفَ: 23]. بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالتَّاءِ، وَ(هِيتَ) بِكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ، وَ(هَيْتِ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِ التَّاءِ، وَ(هَيْتُ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّ التَّاءِ، وَقُرِئَ: (هِئْتُ) بِوَزْنِ جِئْتُ، وَهُوَ فِعْلٌ بِمَعْنَى تَهَيَّأْتُ، وَقُرِئَ: (هُيِّئْتُ) وَهُوَ فِعْلٌ بِمَعْنَى أُصْلِحْتُ.
.هَيْهَاتَ:
هَيْهَاتَ: اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى (بَعُدَ). قَالَ تَعَالَى:
{هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ: 36]. قَالَ: الزَّجَّاجُ: الْبُعْدُ لِمَا تُوعَدُونَ، قِيلَ: وَهَذَا غَلَطٌ أَوْقَعَهُ فِيهِ اللَّامُ، فَإِنَّ تَقْدِيرَهُ: بَعُدَ الْأَمْرُ لِمَا تُوعَدُونَ، أَيْ: لِأَجْلِهِ. وَأَحْسَنُ مِنْهُ أَنَّ اللَّامَ لِتَبْيِينِ الْفَاعِلِ.وَفِيهَا لُغَاتٌ، قُرِئَ مِنْهَا: بِالْفَتْحِ وَبِالضَّمِّ وَبِالْخَفْضِ، مَعَ التَّنْوِينِ فِي الثَّلَاثَةِ وَعَدَمِهِ.
.الْوَاوُ:
الْوَاوُ: جَارَّةٌ وَنَاصِبَةٌ، وَغَيْرُ عَامِلَةٍ.فَالْجَارَّةُ: وَاوُ الْقَسَمِ، نَحْوَ:
{وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الْأَنْعَام: 23].وَالنَّاصِبَةُ: وَاوُ (مَعَ) فَتَنْصِبُ الْمَفْعُولَ مَعَهُ فِي رَأْيِ قَوْمٍ، نَحْوَ:
{فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} [يُونُسَ: 71] وَلَا ثَانِيَ لَهُ فِي الْقُرْآنِ. وَالْمُضَارِعَ فِي جَوَابِ النَّفْيِ أَوِ الطَّلَبِ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ، نَحْوَ:
{وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آلِ عِمْرَانَ: 142]،
{يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبُ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ} [الْأَنْعَام: 27].وَاوُ الصَّرْفِ عِنْدَهُمْ، وَمَعْنَاهَا: أَنَّ الْفِعْلَ كَانَ يَقْتَضِي إِعْرَابًا، فَصَرَفَتْهُ عَنْهُ إِلَى النَّصْبِ، نَحْوَ:
{أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكَ الدِّمَاءَ} [الْبَقَرَة: 30] فِي قِرَاءَةِ النَّصْبِ.وَغَيْرُ الْعَامِلَةِ أَنْوَاعٌ الْوَاو الْغَيْر عَامِلَة:أَحَدُهَا: وَاوُ الْعَطْفِ، وَهِيَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ، فَتَعْطِفُ الشَّيْءَ عَلَى مُصَاحِبِهِ، نَحْوَ:
{فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} [الْعَنْكَبُوت: 15].وَعَلَى سَابِقِهِ نَحْوَ:
{أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ} [الْحَدِيد: 26].وَلَاحِقِهِ، نَحْوَ:
{يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ} [الشُّورَى: 3].وَتُفَارِقُ سَائِرَ حُرُوفِ الْعَطْفِ فِي اقْتِرَانِهَا بِإِمَّا، نَحْوَ:
{إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الْإِنْسَان: 3].وَبـ: (لَا) بَعْدَ نَفْيٍ، نَحْوَ:
{وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ} [سَبَإٍ: 37].وَبـ: (لَكِنْ) نَحْوَ:
{وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ} [الْأَحْزَاب: 40].وَتَعْطِفُ الْعِقْدَ عَلَى النَّيِّفِ، وَالْعَامَّ عَلَى الْخَاصِّ، وَعَكْسَهُ. نَحْوَ:
{وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [الْبَقَرَة: 98]،
{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [نُوحٍ: 28].وَالشَّيْءَ عَلَى مُرَادِفِهِ، نَحْوَ:
{صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [الْبَقَرَة: 157]،
{إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يُوسُفَ: 86].وَالْمَجْرُورَ عَلَى الْجِوَارِ، نَحْوَ:
{بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [الْمَائِدَة: 6].وَقِيلَ: تَرِدُ بِمَعْنَى (أَوْ) وَحَمَلَ عَلَيْهِ مَالِكٌ:
{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الْآيَةَ [التَّوْبَة: 60]، وَلِلتَّعْلِيلِ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ الْخَارَزَنْجِيُّ الْوَاوَ الدَّاخِلَةَ عَلَى الْأَفْعَالِ الْمَنْصُوبَةِ.ثَانِيهَا: وَاوُ الِاسْتِئْنَافِ، نَحْوَ:
{ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} [الْأَنْعَام: 2]
{لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الْحَجّ: 5].
{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [الْبَقَرَة: 282].
{مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ} [الْأَعْرَاف: 186]. بِالرَّفْعِ، إِذْ لَوْ كَانَتْ عَاطِفَةً لَنُصِبَ (وَنُقِرُّ) وَانْجَزَمَ مَا بَعْدَهُ، وَنُصِبَ (أَجَلٌ).ثَالِثُهَا: وَاوُ الْحَالِ الدَّاخِلَةُ عَلَى الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ، نَحْوَ:
{وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} [الْبَقَرَة: 30].
{يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} [آلِ عِمْرَانَ: 154].
{لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} [يُوسُفَ: 14].وَزَعَمَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَنَّهَا تَدْخُلُ عَلَى الْجُمْلَةِ الْوَاقِعَةِ صِفَةً، لِتَأْكِيدِ ثُبُوتِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَلُصُوقِهَا بِهِ، كَمَا تَدْخُلُ عَلَى الْحَالِيَّةِ، وَجَعَلَ مِنْ ذَلِكَ:
{وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الْكَهْف: 22].رَابِعُهَا: وَاوُ الثَّمَانِيَةِ، ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ كَالْحَرِيرِيِّ وَابْنِ خَالَوَيْهِ وَالثَّعْلَبِيِّ، وَزَعَمُوا أَنَّ الْعَرَبَ إِذَا عَدُّوا يُدْخِلُونَ الْوَاوَ بَعْدَ السَّبْعَةِ، إِيذَانًا بِأَنَّهَا عَدَدٌ تَامٌّ، وَأَنَّ مَا بَعْدَهُ مُسْتَأْنَفٌ وَجَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ قَوْلَهُ
{سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} إِلَى قَوْلِه: (سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) [الْكَهْف: 22].وَقوله:
{التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ} إِلَى قَوْلِه:
{وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التَّوْبَة: 112]؛ لِأَنَّهُ الْوَصْفُ الثَّامِنُ.وَقَوْلَهُ
{مُسْلِمَاتٍ} إِلَى قَوْلِه:
{وَأَبْكَارًا} [التَّحْرِيم: 5].وَالصَّوَابُ: عَدَمُ ثُبُوتِهَا، وَأَنَّهَا فِي الْجَمِيعِ لِلْعَطْفِ.خَامِسُهَا: الزَّائِدَةُ، وَخُرِّجَ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ مِنْ قَوْلِه:
{وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ} [الصَّافَّات: 103- 104].سَادِسُهَا: وَاوُ ضَمِيرِ الذُّكُورِ فِي اسْمٍ أَوْ فِعْلٍ، نَحْوَ: الْمُؤْمِنُونَ.
{وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ} [الْقَصَص: 55].
{قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا} [إِبْرَاهِيمَ: 31].سَابِعُهَا: وَاوُ عَلَامَةِ الْمُذَكَّرِينَ فِي لُغَةِ طَيِّئٍ، وَخُرِّجَ عَلَيْهِ
{وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الْأَنْبِيَاء: 3].
{ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} [الْمَائِدَة: 71].ثَامِنُهَا: الْوَاوُ الْمُبْدَلَةُ مِنْ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ الْمَضْمُومُ مَا قَبْلَهَا، كَقِرَاءَةِ قُنْبُلٍ:
{وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ءَأَمِنْتُمْ} [الْمُلْك: 15- 16]
{قَالَ فِرْعَوْنُ ءَأَمَنْتُمْ بِهِ} [الْأَعْرَاف: 123].
.وَيْكَأَنَّ:
وَيْكَأَنَّ استعمالتها وَمَعْنَاهَا فِي الْقُرْآن: قَالَ الْكِسَائِيُّ: كَلِمَةُ تَنَدُّمٍ وَتَعَجُّبٍ، وَأَصْلُهُ (وَيْلَكَ) وَالْكَافُ ضَمِيرٌ مَجْرُورٌ.وَقَالَ الْأَخْفَشُ: وَيِ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى أَعْجَبُ، وَالْكَافُ حَرْفُ خِطَابٍ، وَأَنَّ عَلَى إِضْمَارِ اللَّامِ، وَالْمَعْنَى: أَعْجَبُ لِأَنَّ اللَّهَ.وَقَالَ الْخَلِيلُ: وَيْ وَحْدَهَا، وَكَأَنَّ كَلِمَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِلتَّحْقِيقِ لَا لِلتَّشْبِيهِ.وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيّ: يَحْتَمِلُ (وَيْ كَأَنَّهُ) ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ: أَنْ يَكُونَ وَيْكَ حَرْفًا، وَأَنَّهُ حَرْفًا، وَالْمَعْنَى: (أَلَمْ تَرَ). وَأَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ، وَالْمَعْنَى (وَيْلَكَ). وَأَنْ تَكُونَ وَيْ حَرْفًا لِلتَّعَجُّبِ، وَكَأَنَّهُ حَرْفٌ، وَوُصِلَا خَطًّا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، كَمَا وُصِلَ:
{يَبْنَؤُمَّ} [طه: 94].
.وَيْلٌ:
وَيْلٌ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: وَيْلٌ تَقْبِيحٌ، قَالَ تَعَالَى:
{وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الْأَنْبِيَاء: 18].وَقَدْ يُوضَعُ مَوْضِعَ التَّحَسُّرِ وَالتَّفَجُّعِ، نَحْوَ:
{يَا وَيْلَتَنَا} [الْكَهْف: 49].
{يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ} [الْمَائِدَة: 31].أَخْرَجَ الْحَرْبِيُّ فِي فَوَائِدِه: مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
«قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَيْحَكِ! فَجَزِعْتُ مِنْهَا، فَقَالَ لِي: يَا حُمَيْرَاءُ إِنَّ وَيْحَكِ، أَوْ وَيْسَكِ، رَحْمَةٌ فَلَا تَجْزَعِي مِنْهَا؛ وَلَكِنِ اجْزَعِي مِنَ الْوَيْلِ».
.يَا:
يَا: حَرْفٌ لِنِدَاءِ الْبَعِيدِ، حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَهِيَ أَكْثَرُ أَحْرُفِهِ اسْتِعْمَالًا، وَلِهَذَا لَا يُقَدَّرُ عِنْدَ الْحَذْفِ سِوَاهَا، نَحْوَ:
{رَبِّ اغْفِرْ لِي} [نُوحٍ: 28].
{يُوسُفُ أَعْرِضْ} [يُوسُفَ: 29] وَلَا يُنَادَى اسْمُ اللَّهِ وَأَيُّهَا وَأَيَّتُهَا إِلَّا بِهَا.قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَتُفِيدُ التَّأْكِيدَ الْمُؤْذِنَ بِأَنَّ الْخِطَابَ الَّذِي يَتْلُوهُ مُعْتَنًى بِهِ جِدًّا.وَتَرِدُ لِلتَّنْبِيهِ، فَتَدْخُلُ عَلَى الْفِعْلِ وَالْحَرْفِ، نَحْوَ:
{أَلَّا يَا اسْجُدُوا} [النَّمْل: 25]،
{يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} [يس: 26].تَنْبِيهٌ:هَا قَدْ أَتَيْتُ عَلَى شَرْحِ مَعَانِي الْأَدَوَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي الْقُرْآنِ عَلَى وَجْهٍ مُوجَزٍ مُفِيدٍ، مُحَصِّلٍ لِلْمَقْصُودِ مِنْهُ، وَلَمْ أَبْسُطْهُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْبَسْطِ وَالْإِطْنَابِ إِنَّمَا هُوَ تَصَانِيفُنَا فِي فَنِّ الْعَرَبِيَّةِ وَكُتُبُنَا النَّحْوِيَّةُ، وَالْمَقْصُودُ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ هَذَا الْكِتَابِ إِنَّمَا هُوَ ذِكْرُ الْقَوَاعِدِ وَالْأُصُولِ، لَا اسْتِيعَابُ الْفُرُوعِ وَالْجُزْئِيَّاتِ.